responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 299
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ يَقُولُ:
رَفَعْنَاهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ [1] فَقَالَ: خُذُوا مَا آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَإِلَّا أَرْسَلْتُهُ عَلَيْكُمْ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ فِي الْآيَةِ قَالَ: رَفَعَتْهُ الْمَلَائِكَةُ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ، فَقِيلَ لَهُمْ: خُذُوا مَا آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ فَكَانُوا إِذَا نَظَرُوا إِلَى الْجَبَلِ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، وَإِذَا نَظَرُوا إِلَى الْكِتَابِ قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْهُ أَيْضًا قَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ لِمَ تَسْجُدُ الْيَهُودُ عَلَى حَرْفٍ، قَالَ اللَّهُ وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ قَالَ: لَتَأْخُذُنَّ أَمْرِي أَوْ لَأَرْمِيَنَّكُمْ بِهِ، فَسَجَدُوا وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ مَخَافَةَ أَنْ يَسْقُطَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَتْ سَجْدَةً رَضِيَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ فَاتَّخَذُوهَا سُنَّةً. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ قَتَادَةَ وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ قَالَ: انْتَزَعَهُ اللَّهُ مِنْ أَصْلِهِ، ثُمَّ جَعَلَهُ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ، ثُمَّ قَالَ: لَتَأْخُذُنَّ أمري أو لأرمينكم به.

[سورة الأعراف (7) : الآيات 172 الى 174]
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174)
قَوْلُهُ: وَإِذْ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ، قَوْلُهُ: مِنْ بَنِي آدَمَ اسْتَدَلَّ بِهَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَأْخُوذِينَ هُنَا: هُمْ ذُرِّيَّةُ بَنِي آدَمَ، أَخْرَجَهُمُ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ نَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ.
وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، قَالُوا: وَمَعْنَى أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ دَلَّهُمْ بِخَلْقِهِ عَلَى أَنَّهُ خَالِقُهُمْ، فَقَامَتْ هَذِهِ الدَّلَالَةُ مَقَامَ الْإِشْهَادِ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ [2] ، وَقِيلَ الْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَخْرَجَ الْأَرْوَاحَ قَبْلَ خَلْقِ الْأَجْسَادِ، وَأَنَّهُ جَعَلَ فِيهَا مِنَ المعرفة ما فهمت به خِطَابِهِ سُبْحَانَهُ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِبَنِي آدَمَ هُنَا: آدَمُ نَفْسُهُ كَمَا وَقَعَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّتَهُ وَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ، وَهَؤُلَاءِ هُمْ عَالَمُ الذَّرِّ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ وَلَا الْمَصِيرُ إِلَى غَيْرِهِ لِثُبُوتِهِ مَرْفُوعًا إِلَى النبي صلّى الله عليه وَسَلَّمَ وَمَوْقُوفًا عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا مُلْجِئَ لِلْمَصِيرِ إِلَى الْمَجَازِ، وَإِذَا جَاءَ نَهْرُ اللَّهِ بَطَلَ نَهْرُ مَعْقِلٍ، وَسَنَذْكُرُ آخِرَ هَذَا الْبَحْثِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بَعْضَ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ: مِنْ ظُهُورِهِمْ هُوَ بَدَلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ، وَقِيلَ بَدَلَ اشْتِمَالٍ قَوْلُهُ: ذُرِّيَّاتِهِمْ، قَرَأَ الْكُوفِيُّونَ وَابْنُ كَثِيرٍ ذُرِّيَّتَهُمْ بِالتَّوْحِيدِ، وَهِيَ تَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «ذُرِّيَّاتِهِمْ» بِالْجَمْعِ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَيْ: أَشْهَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ أَيْ: قَائِلًا أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ، فَهُوَ عَلَى إِرَادَةِ الْقَوْلِ: قالُوا بَلى شَهِدْنا أَيْ: عَلَى أَنْفُسِنَا بِأَنَّكَ رَبُّنَا. قَوْلُهُ: أَنْ تَقُولُوا قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ فِي هَذَا وفي قوله: أَوْ تَقُولُوا عَلَى الْغَيْبَةِ، كَمَا كَانَ فِيمَا قَبْلَهُ عَلَى الْغَيْبَةِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْفَوْقِيَّةِ عَلَى الْخِطَابِ. وَالْمَعْنَى:

[1] النساء: 154.
[2] فصلت: 11.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 2  صفحه : 299
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست